أخبار مهمةخطبة الأسبوعخطبة الجمعةخطبة الجمعة القادمة ، خطبة الجمعة القادمة لوزارة الأوقاف المصرية مكتوبة word pdfعاجل

خطبة الجمعة بعنوان: نعمة الأمن ، بقلم المفكر الإسلامي د/ أحمد علي سليمان

نعمة الأمن.. ودروس بليغة من معجزة الإسراء والمعراج بقلم المفكر الإسلامي الدكتور/ أحمد علي سليمان عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية

خطبة الجمعة بعنوان: نعمة الأمن.. ودروس بليغة من معجزة الإسراء والمعراج بقلم المفكر الإسلامي الدكتور/ أحمد علي سليمان ، عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية : 24 رجب 1446هـ / 24 يناير 2025م

لتحميل خطبة الجمعة القادمة بتاريخ 24 يناير 2025م ، للدكتور أحمد علي سليمان بعنوان : نعمة الأمن :

لتحميل خطبة الجمعة القادمة بتاريخ 24 يناير 2025م ، للدكتور أحمد علي سليمان بعنوان: نعمة الأمن ، بصيغة  pdf أضغط هنا.

ولقراءة جزء من خطبة الجمعة القادمة 24 يناير 2025م ، للدكتور أحمد علي سليمان ، بعنوان : نعمة الأمن : كما يلي:

نعمة الأمن.. ودروس بليغة من معجزة الإسراء والمعراج
بقلم المفكر الإسلامي الدكتور/ أحمد علي سليمان
عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية
الجمعة: 24 رجب 1446هـ / 24 يناير 2025م

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسِنا وسيِّئات أعمالنا، مَن يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، جلَّ عن الشبيه والمثيل والند والكفء والنظير، وأشهد أن سيدنا محمدًا عبده ورسوله، وصفيه وخليله، وخيرته من خلقه، وأمينه على وحيه، أرسله ربه رحمة للعالمين، وحجة على العباد أجمعين، فهدى الله تعالى به من الضلالة، وبصَّر به من الجهالة، وكثَّر به بعد القلة.
فصلوات الله وسلامه عليه، وعلى آله الطيبين وأصحابه الغر الميامين، ما ذكره الذاكرون الأبرار، وما تعاقب الليل والنهار.
اللهم صل وسلم وزد وبارك على سيدنا محمد (ﷺ)، الذي ملأت عقلَه من جلالك، وعينَه من جمالك، وقلبَه من حنانك، وجسدَه من أنوارك، فأصبح فرحًا منصورًا، والحمد لله على ذلك..
ونسأل الله أن يجعلنا من صالح أمته، وأن يحشرنا يوم القيامة في زمرته.
عباد الله: أوصيكم ونفسي المقصّرة بتقوى الله.. يقول الحق (تبارك وتَعَالَى): (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ) (آل عمران: 102) ..
أما بعد..
أولا: نعمة الأمن من أجل النعم
نِعَمُ اللهِ (سبحانه وتعالى) على عِبادِه كثيرةٌ لا تُعدّ، ولا تُحدّ، ولا تُحصَى، ولا تتوقف؛ بل هي كثرى وتترا، والرِّزقُ مُتعدِّدٌ متنوِّعٌ؛ فليس الرِّزقُ مَحصورًا في امتلا المالِ فقط.. كلا
أيها الإخوة المؤمنون: “جعل الله (جل وعلا) بعض نعمه عامة على جميع المخلوقات، وخصَّ الله تعالى ببعض النعم مخلوقات دون مخلوقات.
ولقد جعل الله (تعالى) نعمة الأمن نعمة عامة، تطلبها كل المخلوقات، وتفضل الله (تعالى) بها على مَن يشاء.
• فتجد أن الحشرات تبحث عن الأمن حتى وهي في جُحورها، فتبحث في مكان تجعل فيه الجُحر يكون بعيدًا عن آفات المؤذين لها والمهلكين.
• وجعل الله تعالى الطيور كذلك تبحث عن مكان آمن لأعشاشها، فتجعله في أعالى الأشجار أو في الأماكن التي لا يصل إليها مَن يؤذيها.
• بل حتى الوحوش تحرص على أن تكون أوكارها ومساكنها وأماكن استقرارها أن تكون في مكان آمن تأمن معه على أنفسها وأولادها.
• أما الإنسان، فإنه أحوج هؤلاء كلهم إلى أن يجد نعمة الأمن على نفسه وعلى ماله وولده ودينه وعقله، وفي كل أمور حياته.
بل إن ربنا (جل وعلا) شرع عددًا من الشرائع سواءً على أمتنا، أو على الأمم السابقات كلها؛ لأجل أن يحقق الله تعالى الأمن للعباد.
أيهما أفضل الصحة أم الأمن؟
ولذلك ذكر الإمام الرازي (رحمه الله) في تفسيره عن بعض العلماء أنه سئل: أيهما أفضل أن يُرزق الإنسان الصحةَ أم أن يُرزق الأمن؟
فقال: بل الأفضل أن يُرزق الأمن، فإن الصحة لا تكون إلا مع أمن.
قيل له: كيف ذلك؟
قال: أرأيت الشاة تُكسر رجلها، فلا تلبث أن تصح، ثم ترجع ترعى مع القطيع، فتسمن وتَروى.
لكن لو ربطت الشاةَ وهي صحيحة، ووضعت أمامها طعامًا، وربطت بجانبها ذئبًا، فهو ينظر إليها تارة بعد تارة، فإنها لن تستطيع أن تأكل من الطعام وهي خائفة منه، فلا تلبس أن تموت جوعًا وعطشًا..
الأمن في حياة الأنبياء وبعض الأمم السابقة:
بل ذكر ربنا (تبارك وتعالى) أخبار الأنبياء السابقين، وبيَّن أنَّ مِن أهم ما كانوا يحرصون عليه أن يكونوا آمنين.
 ذكر الله تعالى سيدنا إبراهيم (عليه السلام)، بعد أن ترك ولده وزوجه بواد غير ذي زرع -وكان ذلك بأمر الله-، دعى الله (تعالى) فقال: (… رَبِّ اجْعَلْ هَٰذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ…)ﱽ(البقرة: 126)، فبدأ إبراهيم (عليه السلام) بالأمن وقدَّمه على الرزق، وذلك لأن الرزق إذا حضر، لكنك لا تأمن على نفسك، ولا على ولدك، ولا على مالك، ولا على دينك، فإنك لن تستمتع أبدًا بهذا الرزق ما دام الأمنُ مسلوبًا منك.

 وذكر الله تعالى سيدنا موسى (عليه السلام) وأنه لما ألقى العصا، وتحولت إلى حية تسعى، فزع منها، فقال الله (جل وعلا): (…يَا مُوسَىٰ أَقْبِلْ وَلَا تَخَفْ ۖ إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِينَ) (القصص: 31)، لما فزع منها بين الله (تعالى) أنَّ نعمةَ الأمنِ ما تزالُ موصولةً به.

 ولما ذكر الله تعالى قصة سبا بين الله (تعالى) عددا من النعم التي أنعم بها عليهم، ومن ذلك قوله تعالى: (وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ ۖ سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّامًا آمِنِينَ) (سبأ: 18) وذلك أن سبأ كانوا يسافرون، فجعل الله تعالى بينهم وبين القرى التي يريدون أن يسافروا إليها، قرى أمنة، في وسط الطريق، يجدون فيها الماء.. يجدون فيها الطعام.. يجدون فيها المبيت؛ تسهيلا عليهم..
ثم بين الله (تعالى) أن الأفضل من النعم التي يلحقون بها من صحة وطعام وبضائع، أن الأفضل من ذلك هو الأمن، قال: (سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّامًا آمِنِينَ) (سبأ: 18) يأمنون أن يأيتهم قاطع طريق أو عصابة تنهب أموالكم أو أن يهجم عليكم وحش يفسد قلوبهم أو يأكل أجسادكم.

 وامتن الله تعالى على قُريش فقال تعالى: (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ ۚ …) (العنكبوت: 67)، فقد جعل الله تعالى لقريش حرما، حتى إن الوحش إذا دخل على منطقة الحرم أمن على نفسه، قال تعالى: (…أَوَلَمْ نُمَكِّن لَّهُمْ حَرَمًا آمِنًا يُجْبَىٰ إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِّزْقًا مِّن لَّدُنَّا …) (القصص: 57) . فبين الله تعالى أن الأمن من أهم المهمات لهم…
النبي يبشر بالأمن:
 بشَّر النبي (ﷺ) أصحابه في مكة أنه سيأتيهم يوم يأمنون فيه، لم يقل لهم سيأتي يوم تلسبون الحلل، ويأكلون أشهى الطعام، ويسكنون القصور… إنما بشرهم -بما أفضل من ذلك بكثير- بشرهم بالأمن؛ لأن الأمن إذا جاء.
– استطاع الإنسان أن يخيط حُلة ليلبسها.
– واستطاع أن يحرث الأرض؛ ليزرعها.
– واستطاع أن يحفر البئر؛ ليستخرج ماءها، لكن إذا لم يكن آمنا لن يستطيع أن يفعل شيئا من ذلك كله” كما قال د/ محمد العريفي: في خطبه له بعنوان: أهمية الأمن
وهكذا…
وهكذا فإذا تحقق الأمن استطاع الإنسان أن يستفيد من كل أمور حياته. لذلك قدم سيدنا إبراهيم عليه السلام الأمن على الرزق.
معنى الأمن:
الأمن في اللغة نقيض الخوف، يُقال: أَمِن فلانٌ على نفسه؛ أي أصبح آمِنًا من مشاعر الخوف والرعب والرّهبة.
والأمان شعور داخلي ينتج عن الأمن، ويتمثل في شعور الأشخاص والمجتمعات بالراحة والطمأنينة، مما يوفر لهم بيئة محفزة للقيام بشتى أشكال الأنشطة الحياتية اليومية، وذلك بمعزل عن الخوف والقلق والتوتر…
وقد امتنّ الله (سبحانه وتعالى) على قريشٍ بنعمة الأمان من الخوف، قال تعالى: (لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ. إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ . فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَٰذَا الْبَيْتِ . الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ ((قريش: 1-4) .
لا يعرف قيمة الأمن إلا مَن فقدها أو جرَّب فقدها:
الأمن من النعم الكبرى التي أنعم الله (تعالى) بها علينا، ولا يعرف قيمة هذه النعمة الكبرى إلا مَن افتقدها، والجمد لله أن هيأ الله تعالى لنا بلدا عظينا كبيرا آمنا، قال تعالى في شأنه: (…ادْخُلُوا مِصْرَ إِن شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ) (يوسف: 99) .
وكلمة الأمن من الكلمات التي تبعث الراحة والطمأنينة والسكينة في النفوس، وماذا لو امتلكنا كل شيء وافتقدنا الأمن؟.
– لن نأمن
– لن نسعد
– لن نستقر
– لن نبدع
وهكذا يحتل الأمن مكانًا بارزًا بين اهتمامات الناس في المجتمعات المعاصرة؛ لاتصاله المباشر بالحياة اليومية، وبما يوفره من طمأنينة في النفس وسلامة في التصرف والتعامل.
أهمية الأمن في الحياة:
عاشت الأمم عبر العصور المختلفة ساعية وراء البحث عن أمنها وسلامتها وطمأنينتها، وكان الأمن ملازما لحياتها، وتسعى إلى تحقيقه. ذلك لأن توفير الأمن عامل أساسي في حفظ الإنسان وحفظ مجتمعه وحفظ تراثه ومقدراته وقيمه.
ولا يمكن أن يبقى مجتمع متين البنية مزدهر النمو ومستقر الأوضاع إذا لم تتحقق له سبل الطمأنينة والرفاهية والتغلب على العوز والمرض والجهل وحفظ النفس والمال والعرض، ولكي يحقق مجتمع ما، هذه الأهداف لا بد له من الإحاطة بحاجاته الأساسية وسبل تأمينها والتغلب على موانعها ومعوقاتها، إذن فتحقيق الأمن يفترض الوقوف على مقوماته وسبل الوصول إلى أهدافه.
ونشير فيما يلي إلى أهمية الأمن البالغة في الحياة:
1. حماية الأرواح والممتلكات:
يضمن الأمن سلامة الأفراد وممتلكاتهم من الأخطار، مثل: البلطجة، والجرائم، والحروب، والسرقات، والاعتداءات، مما يتيح لهم العيش في بيئة آمنة هادئه هانئة ومستقرة.
2. تحقيق التنمية الاقتصادية
لا يمكن تحقيق التنمية الاقتصادية المأمولة في بيئة تعمها الفوضى وانعدام الأمن أو ضعفه؛ لذلك عندما يشعر الناس بالأمن والأمان، تزدهر الاستثمارات، وتنتعش الأسواق، ويزداد الإنتاج والإبداع والرفاعية.
3. تعزيز السلم الاجتماعي
يسهم الأمن في تحقيق التفاهم والتعايش السلمي بين أفراد المجتمع، مما يقلل من النزاعات والخلافات بين أبناء الوطن والشعوب الأخرى.
4. توفير بيئة تعليمية وصحية مستقرة
لا يمكن أن يتم التعليم الجيد أو الخدمات الصحية المناسبة في ظل اضطرابات أمنية أو صراعات، ومن ثم وجود الأمن يشجع الطلاب على التعلم، والمستشفيات على تقديم خدماتها بكفاءة.
5. حماية القيم والأخلاق
يعمل الأمن على الحد من انتشار الظواهر السلبية مثل الفساد والجريمة، مما يسهم في الحفاظ على القيم والأخلاق في المجتمع.

أنواع الأمن:
الأمن مظلة عريقة تستوعب كل نشاطات المجتمع؛ لذلك ظهر الأمن بمعناه المباشر وهو تحقيق الطمأنينة للمواطن، ودفع الأذى عنه، وإبعاده عن كل أسباب الخوف، التي تقلق حياته؛ لتقوى طاقاته على العمل والإنتاج والإبداع..
وهناك أنواع متعددة من الأمن ظهرت مسمياتها في العقود الأخيرة، منها:
الأمن القومى: يعني قدرة الدولة على تأمين قوتها ومصادر استقرارها داخليا وخارجيا، على شتى المستويات الاقتصادية والعسكرية والاجتماعية، فى كل الحالات سواء أكانت سلمًا أم حربًا. وهدفه بقاء الدولة.. حرية الوطن والمواطن.. الرفاهية والازدهار..
الأمن السياسي: يعني الاستقرار التنظيمي الهيكلي الداخلي للدولة، وذلك في ظل نظم قيم وأيدولوجيات واستراتيجيات سليمة تستند إليها الدولة وتستمد منها شرعيتها.
الأمن العسكري: يتمثل في القدرات الدفاعية التي تمتلكها الدولة لحماية نفسها ضد الهجوم المسلح من الأعداد.
الأمن الاجتماعي: يخصّ قدرة المجتمعات على الحفاظ على استقرارها الداخلي والعلاقات بين أبناءها والحفاظ على الأمن الداخلي، وتحقيق آمالها في مجتمع خالٍ بشكل نسبي من الجرائم بأنواعها المختلفة وظهر هذا النوع كرد فعل لمواجهة مشكلات وظواهر انتشرت في المجتمع ومن بينها مشكلات: الفقر، والعنوسة، والطلاق، والتخلف، وأطفال الشوراع، والعشوائيات، وإدمان المخدرات.. وغيرها.
الأمن الاقتصادي: يتعلّق بالموارد الاقتصاديّة، والماديّة، والطبيعيّة، والبشريّة، والأسواق التي تمتلكها الدولة والتي تشير إلى مستوى رفاهيتها وقوتها.
الأمن الغذائي: ويعني أن تنتج كل أمة حاجياتها من الغذاء ولا تكون عالة على غيرها في طعامها وشرابها؛ فتفقد استقلالها، وإن كان لها جيش وطني ودولة ذات سيادة.
الأمن الصناعي: وظهر هذا المصطلح بعد الثورة الصناعية؛ لتوفير الأمن للعاملين في مجالات الصناعة والعمل والإنتاج، وحمايتهم من شرور الآلات ومخاطرها.
الأمن المائي: ظهر هذا المصطلح كرد فعل للشح المائي الذي تعاني منه بعض الدول التي تقع في المناطق الجافة وشبه الجافة؛ وذلك للسعي نحو توفير موارد للمياه لمجابهة شح المياه المنتظر أو الواقع فعلا… وهكذا..
الأمن النفسي: يعني شعور الفرد بالطمأنينة والاستقرار الداخلي بعيدًا عن الخوف والقلق، مما يتيح له التكيف مع ضغوط الحياة بثقة. ويشمل الأمان العاطفي، الثقة بالنفس، وبيئة داعمة لتحقيق التوازن والسلام الداخلي.
الأمن التربوي: يقصد به أن لكل أمة أفكارها التربوية النابعة من قيمها وثوابتها العقدية والفلسفية، والتي تصوغ هويتها وتشكل شخصيتها، حيث تستطيع الأمة أن تحصن نفسها وتقي مواطنيها -من خلال ثوابتها التربوية- مخاطر الأفكار الهدامة، والنظريات الوافدة، فلا تكون عرضة لتغيير عاصف يشتت الملامح، ولا تستجيب لمعاول الهدم التي تتسلل تحت ستار التجديد والتطوير ومواكبة العصر.
الأمن البيئي: يتمثّل في المحافظة على المجال الحيوي وشتى عناصر ومفردات البيئة في الدولة.
الأمن التقني أو الأمن السيبراني: هو مجال يستهدف حماية البيانات والأنظمة الرقمية من التهديدات مثل الاختراقات والهجمات السيبرانية، وذلك لضمان الخصوصية وتعزيز الأمان في العالم الرقمي. يشمل ذلك التصدي لهجمات رقمية وتكنولوجية، مثل: الفيروسات، وهجمات التصيد، من خلال حماية المعلومات الحساسة والخصوصيات باستخدام التشفير وأدوات الأمان كالجدران النارية وأنظمة كشف التسلل. الأمن السيبراني ليس فقط أدوات، بل ثقافة ووعي رقمي لحماية أنفسنا في العصر الحديث، ولتعزيز الأمان، يجب استخدام كلمات مرور قوية، تفعيل المصادقة الثنائية، والتأكد من أمان المواقع عند التسوق الإلكتروني.
حديث القرآن الكريم عن الأمن:
لقد ورد الحديث عن الأمن وأهميته في القرآن العظيم في مواطن كثيرة، سواء الأمن الحسي، أو الأمن النفسي، أو الأمن المكاني، أو الأمن الزماني أو الأمن الشامل، أو الأمن في الآخرة، ومن ذلك ما يلي:
ﵟ وقال: (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَٰذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۖ قَالَ وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَىٰ عَذَابِ النَّارِ ۖ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ)ﱽ ﵞ (البقرة: 126)
ﵟ وقال: (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَٰذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ) ﵞ (إبراهيم: 35)
وقال: (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ ۚ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَكْفُرُونَ) (العنكبوت: 67).
ﵟوقال: (وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى ۖ وَعَهِدْنَا إِلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِﱼ) ﵞ (البقرة: 125)
وقال: (فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ ۖ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا ۗ وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا ۚ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَﱠ)ﵞ (آل عمران: 97)
قال تعالى: ﵟ(لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ ۖ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ ۖ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذَٰلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا) (الفتح: 27) وقال: (وَهَٰذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ) (التين: 3)
وقال تعالى: (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا ۚ يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا ۚ وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ) (النور: 55)
وقال: (الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُولَٰئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ) (الأنعام: 82) .
وقال: (إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِّنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُم مِّنَ السَّمَاءِ مَاءً لِّيُطَهِّرَكُم بِهِ وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَىٰ قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدَامَ) (الأنفال: 11).
وقال: (وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّىٰ يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَعْلَمُونَ) (التوبة: 6) .
وقال: (ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ آمِنِينَ) (الحجر: 46) ، وقال: (إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُم مِّنَّا الْحُسْنَىٰ أُولَٰئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ . لَا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا ۖ وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنفُسُهُمْ خَالِدُونَ . لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ هَٰذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ . يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ ۚ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ ۚ وَعْدًا عَلَيْنَا ۚ إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ . وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ . إِنَّ فِي هَٰذَا لَبَلَاغًا لِّقَوْمٍ عَابِدِينَ . وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ ) (الأنبياء: 101-107).
وقال تعالى عن مصر: (…ادْخُلُوا مِصْرَ إِن شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ) (يوسف: 99) .
معاني الأمن في القرآن:
يظهر في القرآن الكريم كركيزة أساسية للحياة الإنسانية المستقرة، وهو من النعم التي تستوجب الشكر والمحافظة عليها.
• الأمن الجسدي: حماية الإنسان من المخاطر والاعتداءات.
• الأمن النفسي: الطمأنينة والسكينة في النفس.
• الأمن الديني: حرية ممارسة العبادات والشعائر.
• الأمن الاجتماعي: التعايش السلمي بين الناس وحفظ الحقوق والحريات.
النبي يتحدث عن الأمن:
يقول النبي (ﷺ): (مَنْ أصبحَ منكمْ آمنًا في سربِه، معافًى في جسدِه، عندَهُ قوتُ يومِه، فكأنَّما حيزتْ له الدنيا بحذافيرِها) ( ) .
ومعنى “آمِنًا في سِرْبِه”، أي: توفَّر له الأمانُ على نفْسِه وعلى أهلِه وعائلته، والسِّربُ هو السَّبيلُ أو الطَّريقُ، وقيل: البيتُ… فلنحمد الله على نِعمه الجليلة علينا التي لا تعد ولا تحصى.
“مُعافًى في جسَدِه”، أي: تَحصَّلَت له العافيةُ في الجسَدِ فسَلِم مِن المرَضِ والبلاءِ وكان صَحيحًا.
“عندَه قوتُ يومِه”، أي: وتوفَّر له رِزقُ يومِه وما يَحتاجُه مِن مَؤونةٍ وطعامٍ وشرابٍ يَكْفي يومَه.
“فكأنَّما حِيزَتْ له الدُّنيا”، أي: فكَأنَّما مَلَك الدُّنيا وجمَعها كلَّها؛ فمَن توَفَّر له الأمانُ والعافيةُ والرِّزقُ لا يَحتاجُ إلى شيءٍ بعدَ ذلك، فكان كمَن ملَك الدُّنيا، وجمَعها، فلا يَحتاجُ إلى شيءٍ آخَرَ، وعلى العبدِ أنْ يحَمْدَ اللهَ تعالى ويشُكرَه على هذه النِّعمِ
وقال (ﷺ): (المسلمُ من سلم الناسُ من لسانه ويدهِ، والمؤمنُ من أمنه الناسُ على دمائهم وأموالهم) ( ).
وقال (ﷺ): (مَن كان يؤمِنُ باللهِ واليومِ الآخِرِ فلْيقُلْ خيرًا أو لِيصمُتْ)( ).
وقال (ﷺ): (مِن حُسنِ إسلامِ المرءِ تركُهُ ما لا يعنيهِ)( ).
وحفظ النفوس وتأمينها في توجيهات النبي العظيم لا يتوقف على نفوس المسلمين، وإنما كل نفس آمنة مسالمة تعيش بين المسلمين (مَن قَتَلَ نَفْسًا مُعاهَدًا لَمْ يَرِحْ رائِحَةَ الجَنَّةِ، وإنَّ رِيحَها لَيُوجَدُ مِن مَسِيرَةِ أرْبَعِينَ عامًا) ( )
المآلات الخطيرة الناجمة عن غياب الأمن:
غياب الأمن يؤدي إلى مآلات خطيرة تهدد الأفراد والمجتمعات. فمن دون الأمن:
– يأكل القوي الضعيف وكأننا في غابة.
– ويسود الظلم، ويتوحش الظالمون، ويضيع المظلمون.
– وينعدم العدل، ويسود الجور.
– وتنتشر السرقة، ويسود الكسل.
– وتسود البلطحة والإكراه، ويعيش الناس في خوف على أنفسهم، وأولادهم، وأعراضهم، وأموالهم، وعقائدهم..
وبشيء من التفصيل:
• تنهار الأنظمة الاجتماعية: تصبح الحياة غير مستقرة، ويفقد الناس القدرة على ممارسة حياتهم بشكل طبيعي.
• تفقد الأرواح قيمتها: تنتشر الاحتراب بدون رادع.
• يتدهور العلم و التعليم: تغلق المدارس والجامعات أبوابها، وينشأ جيل يعاني من الجهل والتخلف.
• ينهار الاقتصاد: تتوقف حركة التجارة والاستثمار، وتتزايد معدلات البطالة والفقر.
• ينتشر الخوف والقلق: يعيش الناس في حالة دائمة من التوتر، مما يؤدي إلى أمراض نفسية واجتماعية.
• تتراجع الأخلاق والقيم: ينتشر الغش والبلطجة والخيانة، وينعدم التعاون بين الأفراد.
• ينهار النظام الصحي: تغيب الخدمات الطبية، وتزداد الأمراض دون وجود علاج أو رعاية.
• تنهار العلاقات الإنسانية: يتفكك النسيج الاجتماعي، وتكثر العداوات بين الأفراد والجماعات.
• تنتشر الجريمة والإرهاب: تغيب سلطة القانون، ويصبح المجتمع بيئة خصبة لنمو التطرف والإجرام.
• يتراجع الإبداع والتطور: يفقد الناس الحافز للعمل والإبداع في ظل أجواء الخوف وعدم الاستقرار.
• تضعف هيبة الدولة: تفقد المؤسسات قوتها وسيطرتها، مما يشجع الخارجين عن القانون على تحديها.
ومن ثم فالأمن هو الركيز الأساسية لتحقيق التنمية أو العيش بطمأنينة وسلام.
مصر الآمنة محفوظة على الدوام:
والحمد لله أن أكرمنا الله تعالى بوطن آمن مبارك.
• فمصر، في حماية الله، وفي رعايته، وفي حراسته، وفي معيته، وفي أمنه وأمانه وضمانه إلى يوم الدين.
• ومصر محفوظة بقيادتها وجيشها ورجال أمنها الأبطال..
• مصر محفوظة بالقرآن العظيم
• مصر محفوظة بأزهرها الشريف.
• مصر محفوظة بالصحابة الكرام الذي تشرف ثراها بهم، ومحفوظة بآل بيت النبي العظيم، ومحفوظة بأولياء الله الصالحين، ومحفوظة بأهلها الطيبين…
• مصر التي استبقاها الله شامخة وسط العواصف… مصر أم البلاد، وغوث العبا…
• مصر التي ذكرها الله في القرآن العظيم صراحة (خمس مرات) وكناية (أكثر من ثلاثين مرة)…
• مصر البلد الوحيد التي تجلى الله في بعقة مباركة من أرضها .
• مصر مَهْبِطَ الأَنْبِيَاءِ، وَمَوْطِنَ الأَوْلِيَاءِ، مَحْفُوظَةٌ، مَجْبُورَةٌ مَنْصُورَةٌ، خَزَائِنُهَا هِيَ خَزَائِنُ الأَرْضِ، وَأَهْلُهَا فِي رِبَاطٍ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ، مِصْرُ هِيَ وَصِيَّةُ السيدنا رسول الله (ﷺ): (إِنَّكُمْ سَتَفْتَحُونَ أَرْضًا يُذْكَرُ فِيهَا القِيرَاطُ، فَاسْتَوْصُوا بِأَهْلِهَا خَيْرًا؛ فَإِنَّ لَهُمْ ذِمَّةً وَرَحِمًا)، (ِإذَا فَتَحَ اللهُ عَلَيْكُمْ مِصْرَ بَعْدِي فَاتَّخِذُوا فِيهَا جُنْدًا كَثِيفًا؛ فَذَلِكَ الجُنْدُ خَيْرُ أَجْنَادِ الأَرْضِ)، فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: وَلِمَ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: (لِأَنَّهُمْ فِي رِبَاطٍ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ).
• مصر الآمنة بلد الأمن والأمان مذكورة في القرآن العظيم، والقرآن أزلي، والقرآن باق، ولما كانت مصر من القرآن فهي باقية باقية، ولن تسقط أبدا بإذن الله، ولن تركع أبدا إلا لله..
كيف نحافظ على الأمن؟
من الحقائق التي يجب أن يعلمها الناس ونعلمها لأولادنا في المدارس وفي الإعلام والمساجد وغيرها أن الأمن ليس مسؤولية فرد أو جهة بعينها، بل هو مسؤولية مشتركة بين الدولة وكل أفراد المجتمع، إذ ليس من المعقول ولا المقبول أن يعلم بعض الناس عن مخاطر تهديدات أو مشكلات أمنية تهدد الناس أو المجتمع (بأي شكل)، ويغضون الطرف عنها، ويقول الواحد منهم بالتعبير الدارج: “أنا مالي”، وهنا أقول: لابد أن يبلغ الشخص عن المخاطر، لابد أن يشارك، لابد أن يكون إيجابيا، وعلى الدول أن تحميه الدول، وتفتح قنوات آمنة للتواصل بهذا الخصوص.
ومن ذلك يجب أن نعمل على:
• تعزيز الوعي بأهمية الأمن في حياتنا.
• الالتزام بالقوانين والأنظمة.
• تعزيز روح التعاون والتكاتف بين أفراد المجتمع.
• دعم المؤسسات الأمنية والعمل على تطويرها.
• بناء العلاقات الطيبة بين المواطنين والمؤسسات التي تسهر على راحتنا وحماتينا.
* الدور المحوري لرجال الأمن:
رجال الأمن هم الركيزة الأساسية لحفظ أمن المجتمع واستقراره من الداخل، ومجابهة الأخطار الجنائية، والمخاطر غير المرئية الخبيثة والخسيسة التي يدبرها المجرمون واللصوص وتجار المخدرات والسلاح وتجار الأعضاء البشرية، إضافة إلى مجابهة جرائم الآداب، والشائعات والإرهاب الإلكتروني، وجرائم البغاة والخارجين عن القانون والإرهابيين..
إن رجال الأمن هم العيون الساهرة التي لا تنام؛ لبسط الأمن والأمان والطمأنينة.. يسهرون لننام، ويتعبون لنتسريح، ويعرضون أنفسهم وحياتهم للمخاطر.. إنهم المرابطون لحراسة الدين والوطن والعرض والمال… -ولولاهم بعد الله سبحانه وتعالى- لساد الخوف والرعب والهلع، وانتشرت البلطجة والسلاح والسرقات، وعمَّت المخدرات ربوع البلاد… ولولا تضحياتهم لَتمكن المجرمون ولعمَّت الفوضى في كل مكان… فشكرا لكم في يوم عيدكم وفي كل يوم، وهنيئًا لكم يا أصحاب العيون الساهرة مكرمة الله.. ومكرمة رسوله لكم.. يقول (ﷺ): (عَينانِ لا تمَسَّهما النَّارُ: عينٌ بكت من خشيةِ اللهِ، وعينٌ باتت تحرسُ في سبيل اللهِ) ( ) ..
* إن الحرب التي يكون فيها العدوُ مجهولًا ومباغتًا، ينثر بذورَ الخوفِ والرعب في أرض الله، وينشر شرَّه وخبثه وعدوانَه في كل مكان كما يفعل الإرهابيون؛ تحتاج إلى أناس من طراز فريد؛ تساموا فوق الحياة وملذاتها وشهواتها، وسمت مواقفُهم وبطولاتُهم إلى أعلى الأعالي.. إنهم الكبار الأبرار..
* واجبات رجال الأمن والناس:
والواجب علينا أن نُقدِّر الدور الكبير الذي يقوم به رجال الأمن في منع الجناية والجريمة وتعقب المجرمين، وحمايتنا والسهر على راحتنا، والحفاظ على أعراضنا وأموالنا وممتلكاتنا، ويجب على رجال الأمن أن يكونوا على عهدهم مصدرًا لنشر الأمن بمفهومه الشامل (أمن المجتمع والجماهير، والأمن النفسي) بحيث يعيش الأبرياء آمنين مطمئنين، وأن يكون رجل الأمن قِيمًا إنسانية تمشي على الأرض وملاذًا للخائفين ومصدرًا لتهدئة روعهم.. وتظل الثقة المتبادلة بين الشعب ورجال الأمن هي مبعث الافتخار بمؤسساتنا ولابد أن نقويها على الدوام.
ولقد ضرب رجال الأمن المخلصين أروع الأمثلة في الوفاء لربهم، ولدينهم، ولأوطانهم، وللناس ولا يزالون، ويسطِّر التاريخ كل يوم أعمالًا إنسانية واجتماعية واقتصادية جليلة تبرهن على إخلاصهم..
وهنا أقدم لهم أطيب التهاني وأرق الأماني بمناسبة عيد الشرطة، الذي يذكرنا دومًا ببطولاتهم القديمة والجديدة والمتجددة التي سطَّرها التاريخ ويسطرها بمداد من نور يوما بعد يوم، راجيًا من الله تعالى أن يبارك فيهم ويرعاهم.
وإذا كان بعضهم قد ارتقى شهيدًا بعد أن ضحَّى بنفسه من أجلنا، فإنه من الواجب علينا جميعًا أن نرعى أسرهم، فقد كان النبي (ﷺ) يزور أسر الشهداء، ويواسيهم، ويتفقد أحوالهم، ويجبر خواطرهم، ويبشرهم، وينفق على أولادهم وذويهم، ويساعدهم هو وأصحابه الأخيار، كما جاء التحذير الشديد من خيانتهم في أهليهم، وتغليظ حرمة ذلك.
وهنا أيضا نؤكد أن الدولة الوطنية هي أساس أمان المجتمعات جميعها، وأن العمل على تحقيق وترسيخ المواطنة التفاعلية والإيجابية الشاملة واجب الوقت، وأن بناء الدولة والحفاظ عليها واجب ديني ووطني، والتصدي لكل محاولات هدمها أو زعزعتها ضرورة دينية ووطنية لتحقيق أمن الناس وأمانهم واستقرار حياتهم.
•• نسأل الله تعالى أن يحفظ رجال الأمن ويوفقهم لخير المجتمع والناس، ويحفظ مصرنا رئيسًا وحكومةً وشعبًا وجيشًا وشرطةً، وأن يعيد علينا وعليهم الأعياد، ونحن جميعا في قوة ومنعة وازدهار، وعلى قلب رجل واحد خلف قيادتنا الحكيمة التي تعمل ليل نهار لوضع مصر المحروسة في المكان والمكانة اللائقة بها بين الدول المتقدمة..
أيها الأخوة المؤمنون:
حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، و زنوا أعمالكم قبل أن توزن عليكم، واعلموا أن ملك الموت قد تخطَّانا إلى غيرنا، و سيتخطى غيرنا إلينا، فلنتَّخذ حذرنا، الكيِّس من دان نفسه و عمل لما بعد الموت، و العاجز من أتبع نفسه هواها، و تمنى على الله الأماني أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن سيدنا محمدًا رسولُ الله عباد الله: أوصيكم ونفسي بتقوى الله..يقول الحق (تبارك وتَعَالَى): (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ) (آل عمران: 102) أما بعد،
الإسراء والمعراج ومطلقية القدرة الإلهية
لقد كان حادث الإسراء آية من آيات الله الكبري ومعجزة من معجزاته الباهرة‏، التي فرج بها الكروب‏، وفرح بها القلوب‏، ميز بها النفوس‏..‏ ميز بها المؤمنين الصادقين المخلصين عن المنافقين المدعين‏، في منعطف خطير ومهم من تاريخ الإسلام‏، حيث الاستعداد لبناء دولة الإسلام في المدينة المنورة‏، وما يتطلبه هذا البناء التاريخي والحضاري من رجال أقوياء ـ ستبني علي اكتافهم هذه الدولة التي سينبثق منها نور الايمان الي شتي ربوع المعمورة ـ
فجاءت حادثة الإسراء والمعراج في وقت مهم لتغربل وتنقي الغث من السمين‏.‏ لتكرم المؤمنين الصادقين وترفع درجاتهم في الدنيا والآخرة‏، هؤلاء الذين عانوا مع النبي‏ (ﷺ) الكثير من المتاعب والآلام والاضطهاد في مكة‏، فصبروا علي ما أوذوا‏، وساروا علي المنهج الرباني والمنوال المنير‏، ممتثلين لنداء الحق سبحانه‏، ولم ييأسوا أبدا من روح الله‏.‏ ولتنقي الجسد الاسلامي الطاهر من شوائب وأدران المنافقين‏، الذين من شأنهم ان يقوضوا البنيان من الداخل‏، ولكن هيهات هيهات‏..‏ يقول تعالي‏: ‏ فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الارض‏)(‏ الرعد‏17)‏
الإسراء والمعراج تسرية وتسلية للنبي:
كان الإسراء والمعراج تسرية وتسلية للنبي (ﷺ) عما لحق به من غموم وهموم في سبيل الدعوة الي الله عز وجل‏..‏ ماتت زوجته خديجة نصيرته الداخلية التي كانت تسانده وتساعده‏..‏ تحنو عليه وتخفف عن آلام إيذاء المشركين له‏..‏ ومات عمه أبو طالب‏، نصيره الخارجي الذي قال له‏: ‏ ياابن أخي‏، امض علي ما أنت عليه‏..‏ فسمي هذا العام بعام الحزن‏، ثم ذهب النبي (ﷺ) الي الطائف كي يجد هناك نصراء للدعوة الإسلامية‏، فما كان من أهلها إلا ان استقبلوه بغاية القسوة والعنف‏، وإذ سلطوا عليه صبيانهم وسفهاءهم‏، فألقوه بالحجارة حتي دمت قدماه‏، فلجأ النبي (ﷺ) الي الله ورفع يديه الي السماء …
فعن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب (رضي الله عنهم جميعا) قال: لمَّا تُوفِّي أبو طالبٍ خرَجَ النَّبيُّ (ﷺ) ماشيًا إلى الطَّائفِ على قَدَمَيْه، فدَعاهم إلى الإسلامِ، فلمْ يُجيبوه، فانصَرَفَ فأتَى ظِلَّ شَجرةٍ، فصلَّى ركعتَيْن، ثمَّ قال: اللَّهمَّ إليك أشْكُو ضَعْفَ قوَّتي، وقِلَّةَ حِيلَتي، وهَواني على النَّاسِ، يا أرحَمَ الرَّاحمينَ، أنت أرحَمُ الرَّاحمينَ، وأنتَ ربُّ المسْتَضْعَفين، إلى مَن تَكِلُني؟ إلى عدُوٍّ يَتَجهَّمُني أمْ إلى صَديقٍ ملَّكْتَه أمْري؟ إنْ لم تكُنْ غَضْبانَ علَيَّ فلا أُبالي، غيْرَ أنَّ عافيتَك هي أوسَعُ لي، أعوذُ بنُورِ وَجْهِك الَّذي أشْرَقَتْ له الظُّلماتُ، وصلَحَ عليه أمرُ الدُّنيا والآخرةِ؛ مِن أنْ يَنزِلَ بي غضَبُك، أو يَحِلَّ بي سَخَطُك، لكَ العُتبَى حتَّى تَرْضَى، ولا حوْلَ ولا قوَّةَ إلَّا بكَ ( ).
..‏ ومن هنا كانت الاستجابة العاجلة بالفرج من الله ـ عز وجل ـ لنبيه (ﷺ) ، وكأن الله جل جلاله يقول لرسوله (ﷺ): ‏ إن ضاقت بك الارض فلن تضيق بك السماء‏، وإن كذبك أهل الارض فلك التصديق من الملأ الأعلي في السماء‏، وإن أساء أهل الارض استقبالك‏، فسيحتفي بك من في السماء‏..‏ أراد الله عز وجل ان يربط الارض بالسماء برابط قوي عن طريق المصطفي (ﷺ) ‏، وهكذا فإن كان موسي عليه السلام طلب الرؤية من الله فلم يعطها‏، فإن الله عز وجل طلب محمدا (ﷺ) ليراه في السماء‏، تكريما وتشريفا وتعظيما له ولأمته‏، وشتان بين الطالب والمطلوب‏، فالطالب هو موسي والمطلوب هو محمد‏، وهذه قسمة الله‏، وهكذا أنار الله تعالي الارض ببعض نفحات من نوره الذي أفاض به علي نبيه (ﷺ) في السماء وعاد به علي الارض‏.‏
لماذا كانت هذه الرحلة إلى السماء؟
لماذا حدثت معجزة الإسراء والمعراج في هذا الوقت بالذات؟
من الأدلة الدامغة على أن الإسراء والمعراج كات يقظة بالروح والجسد معا:
كشف المنافقين:
الإسراء‏ والمعراج..‏ منهاج عمل
رحلة الإسراء والمعراج كانت ملهمةً، كافيةً، شافيةً، وكأن الله (جل جلاله) يقول لرسوله‏ (ﷺ) ‏): ‏ إن ضاقت بك الأرضُ؛ فلن تضيق بك السماء‏،‏ وإن كذبك أهلُ الأرض فلك التصديق من الملأ الأعلى في السماء‏،‏ وإن أساء أهلُ الأرض استقبالَك‏؛ فسيحتفي بك مَن في السماء‏.‏
وهكذا كانت رحلة الإسراء والمعراج -ولا تزال وستظل- آية من آيات الله الكبرى لمن أراد أن يذَّكر، أو أراد شكورًا؛ فليس لجاحد أن ينكر، ولا لحاقد أن يستكثر؛ فذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، والله واسع عليم.
نسأل الله السلامة لنا ولأولادنا، ولمجتمعنا ولشعبنا..اللهم احفظ مصر شرقها وغربها، شمالها وجنوبها، طولها وعرضها وعمقها، بحارها وسماءها ونيلها، ووفق يا ربنا قيادتها وجيشها وأمنها وأزهرها الشريف، وعلماءها، واحفظ شعبها، وبلاد المحبين يا رب العالمين، اللهم اشف مرضانا وارحم موتانا وصلِّ اللهم وسلِّم وبارِك على سيدنا ومولانا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين..وأقم الصلاة.
خادم الدعوة والدعاة د/ أحمد علي سليمان
عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية
والحاصل على المركز الأول على مستوى الجمهورية في خدمة الفقه والدعوة (وقف الفنجري 2022م)
المدير التنفيذي السابق لرابطة الجامعات الإسلامية- عضو نقابة اتحاد كُتَّاب مصر
واتس آب: 01122225115 بريد إلكتروني: [email protected]

يُرجي من السادة الأئمة والدعاة متابعة الصفحة الرسمية، وعنوانها:
(الدكتور أحمد علي سليمان)؛ لمتابعة كل جديد

 

لقراءة الخطبة أو تحميلها كاملا يرجي تحميل الخطبة من ملف pdf بالأعلي

_____________________________________

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة

 

تابعنا علي الفيس بوك

 

الخطبة المسموعة علي اليوتيوب

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات

 

للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة

 

للمزيد عن أخبار الأوقاف

 

للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف

 

للمزيد عن مسابقات الأوقاف

 

اظهر المزيد

كتب: د.أحمد رمضان

الدكتور أحمد رمضان حاصل علي الماجستير من جامعة الأزهر بتقدير ممتاز سنة 2005م ، وحاصل علي الدكتوراه بتقدير مع مرتبة الشرف الأولي من جامعة الأزهر الشريف سنة 2017م. مؤسس جريدة صوت الدعاة ورئيس التحرير وكاتب الأخبار والمقالات المهمة بالجريدة، ويعمل بالجريدة منذ 2013 إلي اليوم. حاصل علي دورة التميز الصحفي، وقام بتدريب عدد من الصحفيين بالجريدة. للتواصل مع رئيس التحرير على الإيميل التالي: [email protected] رئيس التحريـر: د. أحمد رمضان (Editor-in-Chief: Dr. Ahmed Ramadan) للمزيد عن الدكتور أحمد رمضان رئيس التحرير أضغط في القائمة علي رئيس التحرير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »